05‏/02‏/2010

دعوة للنقاش : من أجل انطلاقة جديدة للنضال المركزي للجمعية الوطنية

الأحد 13 كانون الأول (ديسمبر) 2009 - المناضل- ة

يعد تقييم نشاطات الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب، في مختلف أبعادها و أشكالها ضرورة ملحة، نظرا لما شكلته هذه الجمعية من رصيد كفاحي من النجاحات و الإخفاقات، على امتداد سنين نضالها المرير ضد القمع و الاضطهاد، و كذا من أجل الحق في التنظيم و الشغل و العيش الكريم. هذه المسيرة كانت مطبوعة بدماء الشهداء و آلام المعتقلات و المعتقلين و المجهضات من الحوامل و أنين المكسرة ضلوعهم على امتداد شوارع مدن المغرب و قراه.
.

إن تقيمنا لأداء الجمعية الوطنية، أو بالأحرى قيادتها، من خلال المعركة الأخيرة بالرباط (26 أكتوبر 2009)، يعتبرا واجبا في عنق كل مناضل، و ذلك من أجل تقويم الاعوجاج و تثمين المكتسبات و تطوير الأداء.
.
شكل نجاح المؤتمر الوطني التاسع الذي انعقد بالرباط متم دجنبر 2008، فرصة لإعطاء انطلاقة جديدة لنضال الجمعية بعد الفتور الذي عرفت في الشهور السابقة لانعقاده، و بالرغم الرتابة التي طبعت النضال المركزي للجمعية، أشكالا و مطالب، و كذا الفتور و الانحدار الذي عرفته العديد من الفروع، فإن دينامية واعدة شهدتها فروع أخرى فروع التنسيق الاقليمي بالحسيمة، الناظور، إفني، كلميم، فم لحصن....، غير أن ضعف المكاسب و التغيرات الناتجة عن الإصلاح الجامعي الرجعي، وضعت الجمعية على مفترق طرق.

.
لقد شكلت المعارك الوطنية الممركزة بالرباط مكسبا للحركة النضالية ستقتدي به أطرافا أخرى على امتداد السنوات اللاحقة. غير أن حرمان الجمعية من مقر الاتحاد المغربي للشغل بالرباط الذي شكل معتصما و مقرا للتغذية و المبيت و خلفية للاحتجاج بشوارع العاصمة، لفترات سابقة، حكم على معاركها بالتقلص مدة و فعالية رغم المجهودات التي بذلت في الفروع و من طرف المناضلين و المناضلات.

.
وقد تعمق هذا الوضع المزري بغياب مطالب مدققة تصرف من خلالها مجمل المذكرة المطلبية للجمعية، مطالب تراعي المستجدات و الوضع العام، مطالب يكون من شأنها تجميع أوسع عدد من حاملي الشواهد و حفزهم على النضال، مطالب قابلة للتحقيق من حيث عدالتها و كذا مصداقيتها كبديل عما تقدمه وكالات الدولة المفلسة. لكن هذا الغياب سيتعمق مع مرور الوقت و تحول العديد من الفروع لتجمع من المناضلين المتقدمين في السن. هذا ما أبان عنه تعاطي الجمعية مع ملف التشغيل المباشر بالوظيفة العمومية- قطاع التعليم، إذ لم يرقى رد الجمعية و قيادتها (مجلسها الوطني = رؤساء الفروع + أعضاء المكتب التنفيذي) إلى مستوى التقاط المعطى الجديد و الدفع إلى خلق دينامية نضالية متمحورة حول مطلب استفادة الجمعية من المناصب المحدثة في عملية التوظيف المباشر و كذا مطلب تخصيص جزء من مناصب قانون مالية 2010 للجمعية على غرار ما يتم مع مجموعات الأطر المناضلة بالرباط .

.
رغم ضعفها، شكلت معركة 20 يونيو 2009 بالرباط، مدخلا جعل وزارة التربية الوطنية تلتفت إلى طلبات الجمعية للحوار وذلك ما تم يوم 17 يوليوز 2009 حيث استقبل المكتب التنفيذي من طرف الكاتب العام للوزارة.

.
لم يبادر المكتب التنفيذي لإصدار بيان للرأي العام حول مجريات الحوار و نتائجه، رغم دعوة المكتب التنفيذي لمجلس وطني طارئ بالرباط يوم 20 يوليوز 2009 لم يكن هناك جدول أعمال مدقق مستمد من طبيعة نتائج الحوار و تحت شعار معركة التوظيف المباشر،الأمور لم تكن واضحة تماما حيث سيؤدي التخبط و الارتجالية إلى خروج مجلس التنسيق بمعركة أمام الأكاديميات لمدة خمسة أيام، رغم أن التوجه العام كان يسير في اتجاه معركة مركزية بالرباط أمام وزارة التعليم بمطلب تخصيص حصة من المناصب لمعطلي الجمعية.

.
معركة الأكاديميات كانت فاشلة نظرا لتوقيتها و مدتها و مطالبها و ظرفها، لم يخفى عن مناضلي الجمعية و أعضائها أننا أخطأنا العنوان و هذا ما تأكد فبعض مسؤولي الأكاديميات قالوا أنهم مستعدون للتعامل مع الجمعية في حالة تلقي إذن من الوزارة المعنية، و لم تنجز المعركة إلا في يوم واحد أو يومين، و المكتب التنفيذي لم يواكب الحدث بالتوجيهات المناسبة لمكاتب الفروع، و لا بحملة إعلامية. هكذا مرت المعركة باهتة و لم تساعد في إطلاق دينامية جديدة 3، متناسبة مع سابقة التوظيف المباشر و رفع السن إلى حدود 45 سنة، التي قامت بها الحكومة لاعتبارات تتعلق بامتصاص الغضب الذي يعبر عنه حاملي الشواهد و كذا الظهور بمظهر المهتم بالشباب.

.
تقدم للمبارة أكثر من 50 ألف معطل و معطلة، من مختلف الأعمار و التخصصات و المناطق، جزء منهم سبق أن مر عبر الجمعية الوطنية، مما يدل على أن الوظيفة العمومية لازالت تدغدغ الأوتار المعطلة لقطاع كبير من خريجي المعاهد و الجامعات. فلو تم التقاط الضوء الذي لاح في الأفق النضالي، لكان المجلس الوطني المنعقد ببني ملال بتاريخ 16 غشت 2009، مناسبة لتقييم جدي و محطة للإعداد للقادم من الأيام، من خلال التوقف على أوجه القصور في إدارة المعركة النضالية و العمل على استدراك ما فات، عبر التعبئة لمعركة من أجل المطالبة بحصة للجمعية و العمل على الإزاحة القبلية للشروط التعجيزية للمشاركة في مباريات شتنبر 2009، غير أن المجلس أضاع وقتا ثمينا في نقاش أرضية للتنسيق الجهوي. و لم تتطرق خلاصته لملف التوظيف بالتعليم ؟ لقد أعطت هذه الخلاصة الدليل للوزارة على أن الجمعية غير معنية، هكذا تم تمرير المبارة وأنجح من أنجح من المعارف و الأحباء و تم البيع و الشراء في المناصب، فسرطان الرشوة و الفساد الذي يقره الجميع أشتغل على أكمل وجه.

.
لقد كانت إحدى خلاصات مجلس بني ملال هي تخليد معركة ذكرى تأسيس الجمعية لكنه لم يضع لها برنامجا مدققا و مطالب تدمج الملف القانوني و مطلب تخصيص حصة من مناصب التوظيف المباشر و الميزانية العامة لسنة 2010 لفائدة الجمعية كما يتم التعامل مع المجموعات المعطلة المناضلة بالرباط . هكذا حدد مجلس 24 أكتوبر 2009 بالرباط معركة التأسيس بشكل مفتوح في الزمن و برنامج مترهل و مضطرب أبان تطبيقه أن قاعدة الجمعية في واد و قيادتها في واد آخر حيث حضر زهاء 400 معطل و معطلة في اليومين الأولين ليتناقص العدد ليصل لقرابة 200 مشارك في المسيرة الوطنية ليوم 30 أكتوبر 2009، وهي الأضعف في تاريخ الجمعية، لقد حضر المعركة 62 فرع ، 35 منها حضرت للمجلس الوطني ليوم 31 أكتوبر 2009 بالرباط .

.
و مرة أخرى غاب ملف التعليم بشكل جدي إذا استثنينا وقفة يتيمة أمام الوزارة، غاب كملف محوري للتعبئة وسط قواعد الجمعية و عموم المعطلين. كشف مجلس 31 أكتوبر 2009 عن تخبط كبير عبر تقييمات و خلاصات لا علاقة لها بواقع الجمعية و تطلعات فروعها، منها تعليق المعركة للفروع دون برنامج إعدادي ولا هدف مركزي.

.
رغم أن ملف التعليم لازال مفتوحا فإن تناوله من طرف الجمعية يبقى لغزا محيرا للأصدقاء و الأعداء على السواء. فقد صرح أحد أعضاء المكتب التنفيذي في نقاش عمومي إبان معركة أكتوبر 2009 بأنه لا داعي للاستفادة من هذه المناصب و أنها ستتسبب في مشاكل داخلية إذا تم الحصول عليها، فلماذا يا ترى وقفات أمام وزارة التعليم و طلب حوار إن لم يكن من أجل انتزاع مكاسب يحصل عليها غيرنا أمام أعيننا ؟

.
أما رئيس الجمعية في حوار له مع جريدة النهج الديمقراطي عدد 133 – أكتوبر 2009، فصرح أن مجلس بني ملال تدارس مستجدات الحوار المركزي مع وزارتي التربية الوطنية و العدل لكنه لم يكلف نفسه عناء تنوير الرأي العام و المعطلين بنتائج الحوار و هل تم رفضها أو قبولها؟ و في حواره مع نفس الجريدة عدد 134 – دجنبر 2009 فقد أعلن أن الحوار المركزي لم يفضي لنتائج ملموسة؟؟ كما اعتبر البقاء في الرباط لمدة أسبوع بمناسبة معركة التأسيس تقدما نوعيا، علما أن البرنامج النضالي برمته كان ممكنا إنجازه بحضور جماهيري أوسع و صدى أكبر لو تم استحضار الإمكانات الفعلية التي تتيحها الشروط الذاتية و الموضوعية، ناسيا أن معركة يونيو 2008 دامت أكثر من أسبوع و بحضور أهم من حيث عدد المعطلين.

.
إن هدفنا من طرح هذا النقاش هو العمل من اجل بلورة خطة نضالية إجمالية متمحورة حول مطلب التشغيل بقطاع التعليم، لأن من شأن تحقيق مكسب في هذا المجال أن يعزز الوزن الجماهيري للجمعية و يقوي دورها، مع الاستمرار في النضال على الملفات الأخرى. إن معرفة واقع الجمعية من حيث تركيبتها: عدد أعضائها، الرجال، النساء، نوع الشواهد، مستواها، السن، عزاب و متزوجين، مدن انتشار الجمعية، الفروع القانونية، الفروع المشلولة، الحوارات المفتوحة، مكاسب الفروع عددها و نوعها سيمكننا من بلورة عملنا على أحسن وجه، فهذه المعطيات يجب أن تكون في حوزة الأجهزة التقريرية للجمعية حتى تتمكن من اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب. إن أعداءنا يعرفون عن الجمعية أكثر ما يعرف أصدقاءها و أعضاءها.

.
يبقى أن نشير أن طاقة النضال التي تختزنها حركة المعطلين تبقى هائلة و واعدة، فالجمعية و بجانبها المجموعات الأخرى المناضلة بالرباط أبانت عن كفاحية عالية من أجل الحق في الشغل و التنظيم، و هذا الأمر مشجع و يدعونا للعمل لإستغلال المناسبات لأجل توسيع قاعدة الجمعية و تجذيرها و إخراجها من دوامة العلاقة بالمناصب الموجودة بالبلديات و الجماعات.

.
يشكل إذن ملف التوظيف المباشر بالتعليم مدخلا هاما من أجل انطلاقة جديدة للنضال المركزي للجمعية .
.

نهدي هذا العمل إلى نجية آدايا فقيدة جمعيتنا في ذكرى استشهادها التاسعة التي تصادف 11 دجنبر من كل سنة و التي خلدتها جمعيتنا هذا العام بمدينة بولمان
..
مشارك في المعركة الوطنية الأخيرة
.