02‏/10‏/2009

الجمعية الوطنية للمعطلين : دينامية متواصلة، ومسيرة وطنية بالعاصمة

.
تموز (يوليو) 2005 المناضل- ة عدد : 8
.
تـقـديـم :
. .
شكل انعقاد المؤتمر الوطني التاسع للجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب محطة تنظيمية مهمة بالنظر لما لعبته هذه الجمعية من أدوار بارزة في تنظيم آلاف الشباب على امتداد سبعة عشر سنة من النضال المرير، و يعد عقد المؤتمر في وقته و فرز قيادة جديدة للجمعية نجاحا في حد ذاته بالنظر للشروط الصعبة التي تعمل فيها الجمعية.
.
لكن هذا لا يمنع من تسجيل كون أداء الجمعية لم يرقى إلى المستوى الذي تطرحه التحديات (ذاتيا)، و خاصة مع و صول سياسة الدولة في ميدان التشغيل إلى أشواط متقدمة في تصفية الوظيفة العمومية و خوصصة قطاعات أساسية بالنسبة للشغل القار، بل أكثر من ذلك تم إدخال المرونة و الهشاشة لقوانين الشغل و أصبحت فرص العمل الوفيرة هي التي بأجور زهيدة و شروط عمل قاسية، خاصة مع السياسة الاقتصادية "الجديدة" المرتبطة بفتح السوق المحلية على المهن المرتبطة بترحيل الخدمات و الصناعات من طرف الشركات المتعددة الجنسيات من البلدان ذات الأجور المرتفعة و المزايا الضريبية المحدودة إلى حيث أجور العمال و حقوقهم في الحضيض و كذا وجود تسهيلات ضريبية هامة تساعد على خفض كلفة الإنتاج. كما تشكل الأزمة الاقتصادية العالمية (الأزمة المالية، الطاقية، الغذائية و البيئية) مؤشرا قويا على أن امتدادها للمغرب سينعكس بشكل كبير على إمكانات التشغيل (أزمة حادة تنتظر قطاعات مركبات السيارات و النسيج و السياحة).
.
1. الوضع العام
..
يتميز الوضع الاقتصادي بهشاشة مزدوجة مرتبطة بارتهان الإنتاج الفلاحي بالظروف المناخية (و التصدير للسوق الخاريجية) و الإنتاج الصناعي بقسمة العمل الدولية (استخراج المعادن و صناعات تحويلية و أخرى مرتبطة بترحيل أنشطة الشركات المتعددة الجنسيات)، أما الوضع السياسي فيتميز بشبه إجماع على اختيارات النظام الاقتصادية من طرف جميع أقطاب الطبقات السائدة، رغم مناوشات قوى الرجعية السلفية.
.
في حين يتميز المعسكر الشعبي بضعف تنظيم قواه (ضعف و تشتت غير مسبوقين للنقابات وسطوة البروقراطيات عليها) و استمرار الأزمة التنظيمية التي تعرفها الحركة الطلابية رغم الكفاحية العالية التي يواجه بها الطلبة سياسات الدولة في ميدان التعليم و قمع الحريات (مراكش، فاس، أكادير..). يبقى وجود اليسار الجذري بفصائله محدود التأثير رغم كفاحية جزء كبير منه. إن استمرار غياب حزب عمال اشتراكي يمثل مصالح الطبقة العاملة و عموم الكادحين و يلف الطلائع المناضلة حول برنامج تغيير بديل لما هو موجود، يشكل عقبة حاسمة لكل الحركات المناضلة بما فيها حركة النضال ضد البطالة على اعتبار هذا النضال جزء من الصراع الطبقي بين العمل و الرأسمال.
.
2. الوضع الذاتي
.
رغم النجاح الذي عرفه المؤتمر، فإن ذالك لن يحجب الوضعية التنظيمية و النضالية و الإعلامية للجمعية، فالتقرير الأدبي وقف على جزء بسيط منها و تطرق المؤتمرين لجزئها الأكبر في حين بقيت مناطق مهمة مغفلة ولم يتم تمحيصها.
.
تنظيميا : رغم الانتشار التنظيمي (64 فرع حاضر في المؤتمر) و احترام المحطات الوطنية التنظيمية (المجالس الوطنية) فإن هياكل الجمعية لا تعرف حيوية كبيرة على المستويين الاقليمي و الجهوي، و لم تستطيع استيعاب أفواج كبيرة من حملة الشواهد حيث بدأت تبرز تنظيمات (مجموعات الدكاترة بالرباط، جمعية المجاز المعطل بعدة مدن). بالاضافة إلى استمرار غياب شروط عمل مناسبة للأجهزة الوطنية من قبل المقر الوطني .

.
- نضاليا : لا أحد يشكك في التراجع الكبير للجمعية نضاليا خاصة على المستوى المركزي رغم نضالية الفروع و هو أمر راجع في جزء كبير منه لعدم فهم الجمعية للمتغيرات المحيطة بها و الاصطفافات السياسية الجديدة التي عرفها العقد الأخير، ينضاف لذلك محاولة البرقراطيات النقابية الحد من الاندفاع النضالي للمعطلين حتى لا يتم التشويش على سلمهم الاجتماعي مع البورجوازية و دولتها عبر الحرمان من المقرات المركزية و من الدعم المالي مخافة انفجار دينامية نضالية تتجاوز إطار المعطلين (نموذج إفني..).
.
هكذا وضع حكم على المعارك الوطنية التأرجح بين نجاح جزئي (كمي) و فشل ذريع، من حيث حضور المعطلين و صدى المعارك و نتائجها المباشرة ماديا و معنويا.
.
و يعود أمر تفاقم هذا الأمر إلى المزايدات التي تطبع اتخاذ القرار داخل المجالس الوطنية، حيث غياب دراسة متأنية للوضع الذاتي و الإمكانات الموضوعية المتاحة في المكان و الزمان. يضاف إلى ذلك تحديد قبلي لأوقات خوض معارك وطنية ممركزة بعيدا عن أي منطق (كيف نحدد تاريخ معركة وطنية قبل سنتين أو سنة و نحن نجهل المعطيات التي ستدور فيها؟ هل هذه المعطيات مناسبة أم لا؟) مما يحرم المجلس الوطني و القيادة الوطنية من التعامل مع الفرص المتاحة.
.
و رغم وجود تجارب نضالية حديثة لفروع عدة (إفني، طاطا، بوعرفة..) فإنها لم تحظى بقراءة متأنية من طرف أجهزة الجمعية من أجل فتح آفاق نضالية جديدة عبر تفعيل شعار النضال المشترك ميدانيا و بملف مطلبي مشترك، لتجاوز الفهم الضيق الذي يرى في حضور الإطارات للتضامن خلال المحطات النضالية مركزيا و محليا نضالا مشتركا.

.
- إعلاميا : لا أحد من داخل الجمعية و لا من خارجها يشكك في كون الجمعية تعيش عصرها الحجري فيما يخص تعاطيها مع موضوع الإعلام، فإذا كان "مبررا" في السابق عدم قدرة الجمعية على إصدار جريدة أو مجلة خاصة بها نظرا لما يطرحه الأمر من صعوبات مالية و قانونية فإن غياب موقع إلكتروني و نشرة إلكترونية مركزية يلعبان دور المشهر بساسة الدولة في ميدان التشغيل و في قمع الحريات و تغطية النضالات و التعريف بها و خوض الحملات الإعلامية يعد أمرا غير مقبول و لا مبرر. و رغم ملحاحية الموضوع لم يتم التطرق له بما يكفي من الجدية خلال المؤتمر و الوضع مرشح للبقاء على ما هو عليه.
..
3. ماذا بعد المؤتمر الوطني التاسع
..
استقبلت الجمعية الوطنية سنة 2009 بمكتب تنفيذي جديد و بأوراق عمل (مقررات المؤتمر) "جديدة" تحتاج إلى تنفيذ في وضع يعرف تنامي الأزمة العالمية و بالتالي المحلية على المستوى الاقتصادي و بوصول اللعبة السياسية إلى مدى من التعفن جعل أغلب الشعب لا يزكها من خلال مقاطعته الواسعة لانتخابات شتنبر 2007.
.
سيكون أمام القيادة الجديدة تحدي استيعاب متطلبات المرحلة القادمة على مستويين:
.
الأول: داخلي خاص بالحالة التنظيمية للجمعية و مشاكلها و نقط ضعفها من أجل رفع الاستعداد النضالي ومن أجل توسيع قاعدة الجمعية جغرافيا و عدديا و ابتكار أشكال نضال جديدة و تقوية الانخراط في الحالية مع الابتعاد عن المزايدات الفارغة ، و كذا الانكباب على قضايا الإعلام و التكوين لمواجهة الآلة الإعلامية الجبارة للدولة التي تجعل من سياستها قدرا محتوما و حلا وحيدا أمام المعطلين.
.
الثاني: مرتبط بالاحتداد المرتقب للأزمة الاقتصادية رغم التطبيل للمشاريع الاقتصادية التي يقال إنها الحل الوحيد لمشكل البطالة (مخطط الإقلاع الصناعي، المخطط الأخضر الفلاحي، المخطط الأزرق السياحي..) كنتيجة لتداعيات أزمة الرأسمالية العالمية. هكذا سيكون محكوما على الجمعية بالبحث عن حلفاء ميدانيين من خلال مد يدها للحركة الطلابية (رغم الصعوبة) و كذلك للقطاعات النقابية المكافحة و لو على مستوى المناطق ( دور الجمعية الوطنية إلى جانب الكنفدرالية الديمقراطية للشغل ب مدينة بوعرفة داخل تنسيقيات مناهضة الغلاء).
..


معطل - يناير 2009
..